إسلام أبي ذر الغفاري
رضي الله عنه
حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي قال ثنا محمد بن عابد قال ثنا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي قال سمعت عروة بن رويم اللخمي يقول حدثني عامر بن كدين الأشعري قال سمعت أبا ليلى الأشعري يقول حدثني أبو ذر قال:
إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوماً عرباً فأصابتنا السنة فاحتملت أمي وأخي وكان اسمه أنيساً إلى أصهار لنا بأعلى نجد، فلما حللنا بهم أكرمونا، فلما رأى ذلك رجل من الحي، مشى إلى خالي فقال: تعلم أن أنيساً يخالفك إلى أهلك، قال: فحز في قلبه فانصرفت من رعية الإبل فوجدته كئيباً يبكي، فقلت: ما بكاؤك يا خال ? فأعلمني الخبر فقلت: حجز الله من ذلك إنا نعاف الفاحشة وإن كان الزمان قد أخل بنا، ولقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به، ولا سبيل إلى اجتماع، فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة، فقال أخي: إنى مدافع رجلاً على الماء بشعر، وكان رجلاً شاعراً، فقلت: لا تفعل، فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته وأيم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي، فتقاضينا إلى خنساء فقضت لأخي على دريد، وذلك أن دريداً خطبها إلى أبيها فقالت: شيخ كبير لا حاجة لي فيه، فحقدت ذلك عليه، فضممنا صرمته إلى صرمتنا، وكانت لنا هجمة، ثم أتيت مكة، فابتدأت بالصفا، فإذا عليه رجالات قريش وقد بلغني أن بها صائباً أو مجنوناً أو شاعراً أو ساحراً، فقلت: أين هذا الذي تزعمونه ? قالوا: هو ذاك حيث ترى، فانقلبت إليه ما جزت عنهم قيس حجر فوالله أكبوا على كل حجر وعظم ومدر وضرجوني بدمي فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء وصومت فيه ثلاثين يوماً لا أكل ولا شراب إلا من ماء زمزم، حتى إذا كانت ليلة قمراء أضحيان أقبلت إمرأتان من خزاعة وطافتا بالبيت، ثم ذكرتا أسافا ونائلة وهما وثنان وكانوا يعبدونهما، فأخرجت رأسي من تحت الستور، فقلت احملا أحدهما على صاحبه، فغضبتا ثم قالتا: أم والله لو كانت رجالنا حضوراً ما تكلمت بهذا، ثم ولتا فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أنتما ? ومن أين أنتما ? ومن أين جئتما، وما جاء بكما ? فأخبرتاه الخبر، فقال: أين تركتما الصحابيء ? فقالتا: تركناه بين الستور والبناء، فقال لهم: هل قال لكما شيئاً ? قالتا: نعم تكلم بكلمة تملأ الفم، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انسلتا وأقبلت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه عند ذلك فقال: من أنت? وممن أنت ? ومن أين جئت وما جاء بك ? فأنشأت أعلمه الخبر، فقال: من ما كنت تأكل وتشرب ? فقلت: من ماء زمزم فقال: أما إنه طعام طعم ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله إئذن لي أن أضيفه، قال: نعم ? ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأخذ أبو بكر بيدي حتى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب أبي بكر ثم دخل أبو بكر بيته، ثم أتى بزبيب من زبيب الطائف فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا ونحن نأكل منه حتى تملأنا منه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر فقلت: لبيك، فقال: إما إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات نخل لا أحسبهما إلا تهامة، فأخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتها الخبر، فقالا: ما بنا رغبة عن الدين الذين دخلت فيه، فأسلما ثم خرجنا حتى أتينا المدينة فأعلمت قومي فقالوا: إنا قد صدقناك، ولكنا نلقى محمداً، فلما قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيناه، فقالت له غفار: يا رسول الله إن أبا ذر قد أعلمنا ما أعلمته، وقد أسلمنا وشهدنا إنك رسول الله، ثم تقدمت أسلم خزاعة فقالوا: يا رسول الله إنا قد رغبنا ودخلنا فيما فيه أخواتنا وحلفاؤنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها ثم أخذ أبو بكر بيدي فقال: يا أبا ذر فقلت: لبيك يا أبا بكر فقال: هل كنت تأله في جاهليتك ? قلت: نعم لقد رأيتني أقوم عند الشمس فلا أزال مصلياً حتى يؤذيني حرها، فأخر كأني خفاء، فقال لي: فأين كنت توجه ? قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله حتى أدخل الله علي الإسلام
رضي الله عنه
حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي قال ثنا محمد بن عابد قال ثنا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي قال سمعت عروة بن رويم اللخمي يقول حدثني عامر بن كدين الأشعري قال سمعت أبا ليلى الأشعري يقول حدثني أبو ذر قال:
إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوماً عرباً فأصابتنا السنة فاحتملت أمي وأخي وكان اسمه أنيساً إلى أصهار لنا بأعلى نجد، فلما حللنا بهم أكرمونا، فلما رأى ذلك رجل من الحي، مشى إلى خالي فقال: تعلم أن أنيساً يخالفك إلى أهلك، قال: فحز في قلبه فانصرفت من رعية الإبل فوجدته كئيباً يبكي، فقلت: ما بكاؤك يا خال ? فأعلمني الخبر فقلت: حجز الله من ذلك إنا نعاف الفاحشة وإن كان الزمان قد أخل بنا، ولقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به، ولا سبيل إلى اجتماع، فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة، فقال أخي: إنى مدافع رجلاً على الماء بشعر، وكان رجلاً شاعراً، فقلت: لا تفعل، فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته وأيم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي، فتقاضينا إلى خنساء فقضت لأخي على دريد، وذلك أن دريداً خطبها إلى أبيها فقالت: شيخ كبير لا حاجة لي فيه، فحقدت ذلك عليه، فضممنا صرمته إلى صرمتنا، وكانت لنا هجمة، ثم أتيت مكة، فابتدأت بالصفا، فإذا عليه رجالات قريش وقد بلغني أن بها صائباً أو مجنوناً أو شاعراً أو ساحراً، فقلت: أين هذا الذي تزعمونه ? قالوا: هو ذاك حيث ترى، فانقلبت إليه ما جزت عنهم قيس حجر فوالله أكبوا على كل حجر وعظم ومدر وضرجوني بدمي فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء وصومت فيه ثلاثين يوماً لا أكل ولا شراب إلا من ماء زمزم، حتى إذا كانت ليلة قمراء أضحيان أقبلت إمرأتان من خزاعة وطافتا بالبيت، ثم ذكرتا أسافا ونائلة وهما وثنان وكانوا يعبدونهما، فأخرجت رأسي من تحت الستور، فقلت احملا أحدهما على صاحبه، فغضبتا ثم قالتا: أم والله لو كانت رجالنا حضوراً ما تكلمت بهذا، ثم ولتا فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أنتما ? ومن أين أنتما ? ومن أين جئتما، وما جاء بكما ? فأخبرتاه الخبر، فقال: أين تركتما الصحابيء ? فقالتا: تركناه بين الستور والبناء، فقال لهم: هل قال لكما شيئاً ? قالتا: نعم تكلم بكلمة تملأ الفم، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انسلتا وأقبلت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه عند ذلك فقال: من أنت? وممن أنت ? ومن أين جئت وما جاء بك ? فأنشأت أعلمه الخبر، فقال: من ما كنت تأكل وتشرب ? فقلت: من ماء زمزم فقال: أما إنه طعام طعم ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله إئذن لي أن أضيفه، قال: نعم ? ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأخذ أبو بكر بيدي حتى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب أبي بكر ثم دخل أبو بكر بيته، ثم أتى بزبيب من زبيب الطائف فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا ونحن نأكل منه حتى تملأنا منه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر فقلت: لبيك، فقال: إما إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات نخل لا أحسبهما إلا تهامة، فأخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتها الخبر، فقالا: ما بنا رغبة عن الدين الذين دخلت فيه، فأسلما ثم خرجنا حتى أتينا المدينة فأعلمت قومي فقالوا: إنا قد صدقناك، ولكنا نلقى محمداً، فلما قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيناه، فقالت له غفار: يا رسول الله إن أبا ذر قد أعلمنا ما أعلمته، وقد أسلمنا وشهدنا إنك رسول الله، ثم تقدمت أسلم خزاعة فقالوا: يا رسول الله إنا قد رغبنا ودخلنا فيما فيه أخواتنا وحلفاؤنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها ثم أخذ أبو بكر بيدي فقال: يا أبا ذر فقلت: لبيك يا أبا بكر فقال: هل كنت تأله في جاهليتك ? قلت: نعم لقد رأيتني أقوم عند الشمس فلا أزال مصلياً حتى يؤذيني حرها، فأخر كأني خفاء، فقال لي: فأين كنت توجه ? قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله حتى أدخل الله علي الإسلام